
أصدرت وكيلة وزارة العدل المعينة من قبل قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان، هويدا علي عوض الكريم فتوى قانونية بإعادة جميع مفصولي لجنة تفكيك وإزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو، باعتباره قراراً إدارياً وليس قضائياً ما يعني إمكانية إعادة جميع المفصولين حتى دون الرجوع للقضاء، واضافت على هذه الفتوى جواز مقاضاة أي جهة تمتنع عن إعادة المفصولين لوظائفهم فوراً، وهو ما كان متوقعا منذ إعلان بيان الانقلاب أو حتى قبل إعلانه.
فقد امتلأت الوسائط ووسائل الإعلام قبل الانقلاب برجاءات لارباب السوابق من منسوبي النظام البائد، يطلبون فيها من البرهان وحميدتي أن يستولوا على السلطة ويزجوا بقوي إعلان الحرية والتغيير بالسجون، ويعيدوا المفصولين بقرارات لجنة إزالة تمكين نظام الثلاثين من يونيو للعمل لدعم الانقلاب، وهو ما نراه يحدث الآن تماما كما طالب بذلك قيادات النظام البائد على غرار يوسف الكودة وآخرين من لصوص الإنقاذ البائدة، وجميعنا يعلم تمام العلم أن هذا الانقلاب المنبت لن يجد له داعمين غير عسكر المليشيات وازلام النظام البائد، فهم فقط المستفيدين من الردة على الثورة المجيدة لأنها ستحافظ لهم على الأقل على ما قاموا بسرقته خلال فترة حكم المخلوع، ولن يجد المغامرين برهان وحميدتي سند داخلي من سواهم، فهؤلاء لصوص مال يريدون الاحتفاظ به وهذين سارقا سلطة يريدان تثبيت أركانها، لذلك برز هذا التحالف بوجهه القميء خلال الأيام الماضية وقام فلول النظام البائد بدعم العسكر من أجل الاحتفاظ بوظائفهم التي حصلوا عليها دون كفاءة، مع الاحتفاظ بما تم نهبه من قبلهم خلال سني حكم المخلوع، وعدم المسائلة عن جرائم القتل والحرق والاغتصاب التي يشترك فيها الطرفان، حتى أن بعثة الأمم المتحدة المتكاملة بالسودان (يونتامس) لم تحتاج جهدا لسبر غور مسيرتهم الشائهة أمام مبناها أمس الأول، وأعلنت عبر صفحتها الرسمية ذلك حينما قالت أن المؤتمر الوطني هو من تظاهر أمام مقرها.
ومن المعلوم أن أي دكتاتور يحتاج لمن يمنحه الفتاوي سواء كانت دينية أو قانونية، وما قامت به وكيلة العدل المكلفة مساء الأمس هو عين ما كانت تفعله سيئة الذكر بدرية سليمان معية المخلوع، وهو دور مهم جدا لقادة الانقلاب وهم أحوج ما يكونوا له فى هذه الفترة بعد أن تناوشتهم اللجان بالخدمة المدنية، وأسقطت عنهم الغطاء الذي كانوا يتدثرون به ويحاولون عبره الحصول على شرعية لن يجدوها، والغريب في الأمر أن مستشاري العدل نفسهم ومنسوبي السلطة القضائية التي تتبع لها الوكيلة، رفضوا الانقلاب ووقفوا ضده وضد إجراءات القتل خارج نطاق القانون التي يقوم بها جند الانقلابيين ومليشياتهم، مما يعني أن الوكيلة التي أصدرت الفتوي تعمل خلافا للقانون وخلافا لما يجب عليها أن تفعله بهذه الوزارة المهمة لتحقيق العدالة، لكنهم دوما المأجورين يقومون بكل الأعمال التي تطلب منهم مهما كانت قذارتها ومخالفتها للنفس البشرية السوية، ولن تغن عنهم ولا عن قادة الانقلاب شيئا لأن الشارع أصلا لا يعترف ولن يعترف به، كما أن محاولة العسكر عرقلة عمل لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو كان واحدا من أهم الأسباب التي جعلت الشارع ينتفض ضد البرهان سابقا، ويتحداها حتي قام بارتكاب جريمة الانقلاب ضد الثورة باكملها، لذلك لن تقدم هذه القرارات غير الشرعية من موظفة غير شرعية معينة من انقلابي شيئا للبرهان، وستسقط معه حينما يحين أوان سقوطه الحتمي القريب.